لابن عبد البر بسنده إلى ابن شهاب الزهري قال:«أمَرَنا عمرُ بن عبد العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفترًا دفترًا، فبعث إلى كلِّ أرض له عليها سلطان دفترًا». ثم أكثر ابنُ شهاب من الكتابة بعد وفاة عمر لما أمر هشام بن عبد الملك. على أنّ ما كُتِب لعمر ولهشام لم يلق قبولًا عند أهل العلم؛ لأنهم كانوا يحرصون على تلقّي الحديث مِن المحدّث به مشافهةً. لكن الرواة عن ابن شهاب وغيره انهمكوا في الكتابة. ثم شرع بعضهم في التصنيف. وقد ذكر أبو ريَّة ص ٢٢٩ عِدَّة من المصنِّفين، وأحب أن أشير إلى من مات منهم قبل سنة ١٦٠:
فمنهم: ابن جُرَيج المتوفى سنة ١٥٠ له مصنفات تلقَّاها عنه جماعة، منهم حجّاج بن محمد الأعور، وعبد الرزاق الصنعاني، وعنهما الإمام أحمد وغيره. ولعبد الرزاق مصنفات موجودة.
ومنهم: ابن إسحاق صاحب المغازي توفي سنة ١٥١، صنف السيرة وغيرها.
[ص ١٧٥] ومنهم: مَعْمَر بن راشد توفي سنة ١٥٣، وله مصنّفات بعضها موجود، وأخذها عنه عبدُ الرزاق وغيره.
ومنهم: الأوزاعي، وسعيد بن أبي عَرُوبة تُوُفيا سنة ١٥٦، وكانت مصنفاتهما عند جماعةٍ من أصحابهما، تلقاها عنهم الإمام أحمد وغيره.
ثم قال أبو ريَّة ص ٢٣٣:(أثر تأخير التدوين ... ).
ذكر أنه لو دُوّن الحديث كما دُوّن القرآن لانسدَّ بابُ الكذب على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وانسدّ بابُ التفرُّق في الدين.