الشهادة والإخبار ــ كما هو مقتضى حملهما على المسألة كما مر ــ وَجَد الشاهدُ عذرًا لعدم حضوره إلى الحاكم، وأما المخبر فيجد عذرًا لكتمانه العلم.
[ص ٤٩] وقال جماعة: لا بد من اثنين، قال السخاوي في "فتح المغيث"(ص ١٢٣)(١): حكاه القاضي أبو بكر ابن الباقلاني عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم؛ لأن التزكية صفة فيحتاج في ثبوتها إلى عدلين. كالرشد والكفاءة وغيرهما، وقياسًا على الشاهد بالنسبة لما هو المُرَجَّح فيها عند الشافعية والمالكية، بل هو قول محمد بن الحسن، واختاره الطحاوي".
وعارض الخطيب في "الكفاية" (ص ٤٧) هذا القياس بقياس آخر حاصله: أنه لا يكفي في شهود الزنا إلا أربعة، ومع ذلك اكْتُفِيَ في إثبات الإحصان الذي به يثبت الرجمُ باثنين، وقد اكْتُفِيَ في الأخبار بواحد، والعدالة صفة كالإحصان، فيجب أن يُكْتَفى في إثباتها بدون ما اكْتُفِيَ به في الأخبار، إلا أنه غير ممكن.
وكأنّ الخطيبَ عَدَل عما هو أوضح من هذا خوفَ النقض؛ وذلك أنَّ أوضح من هذا أن يقال: لم يكتف في عدد شهود الزنا بأقلّ من أربعة واكْتُفِيَ في عدد مزكِّيهم باثنين اتفاقًا وبواحد عند قومٍ، فقياس ذلك أن يكفي في عدد مزكّي المُخبِر دون ما يكفي في عدد المخبر.
ونقضُه أن يقال: قد اكتفى قوم في الأموال بشاهد ويمين، ولم يكتفوا في تعديل [ص ٥٠] هذا الشاهد إلا باثنين.