للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسْتَشهد ثلاثةً من قومه لا يشهدون له، وإن أقدم على المسألة بدون شهادة، كان عند الناس أنه أقدم على محرَّم، وهو يكره ذلك لحبّه السِّتْر.

وثانيًا: شَرْع طريقٍ يُرجى أن يستغني بها المحتاج من أهل الصلاح أو الستر، فلا يحتاج إلى المسألة البتة، وإيضاحه: أنه لا يقدم على المسألة بدون استشهاد، فيضطرّ إلى أن يطالب ثلاثة من ذوي الحجا من قومه بأن يشهدوا له، ولا ريب أنهم إذا علموا حاجته وجب عليهم أحدُ أمرين: إما أن يقوموا فيشهدوا، وإما أن يواسوه من أموالهم بما يغنيه عن المسألة. ولعلّ هذا الثاني يكون أيسر عليهم؛ لأنهم يرون أنّ اقتصارهم على أن يقوموا فيشهدوا يحمل الناس على أن يَرْموهم باللؤم، ويقول الناس: أما كان في أموال هؤلاء الثلاثة متَّسَع لأن [ص ٤٨] يواسوا ابنَ عمّهم بما يسدّ فاقته إلى أن يجد قوامًا من عيش؟ ولهذا ــ والله أعلم ــ شَرَط في الحديث أن يكونوا من قومه، وأن يكونوا من ذوي الحجا، وأن يكونوا ثلاثة؛ لأن الغالب أن الثلاثة لا يكونون كلهم فقراء أو لؤماء.

وعلى فرض أنهم قاموا فشهدوا، فالغالب أن قومه عندما يسمعون شهادة الثلاثة من ذوي الحجا فيهم، يجمعون له ما يكفيه بدون أن يحتاج إلى مسألة، وعلى هذا فقد أغنى الله عز وجل ذلك المحتاج بدون مسألة؛ لأن مطالبته الثلاثة بأن يشهدوا ليست مسألةً لهم، وإظهاره الحاجة ليس بمسألة صريحة، وإظهاره العزمَ على المسألة ليس بمسألة، فتدبَّر.

وليس في الشهادة والإخبار أثر لهذا المعنى، على أن المحتاج مضطر إلى أن يستشهد الثلاثة، فلا يكون في اشتراط ذلك مفسدة، والشاهد والمخبر غير مضطرين إلى الشهادة والإخبار. بل إن شَرَط أن يتقدّم تعديل الثلاثة على