وإن كان نزول الآية بمكة أو أوائل قدوم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المدينةَ فالاحتمال الثاني أقرب. وعلى كلا الاحتمالين فتسمية هذا اليوم "يوم الجمعة" تسمية شرعية؛ إمّا بالقرآن وإمّا بالسنة، متقدّمة على القرآن أو متأخرة عنه، والله أعلم.
فالشرع سمّاه يوم الجُمُعة بضمتين؛ كما في قراءة العامة، فأخذَه بنو تميم وخفّفوه بإسكان الميم، وقرأ به بعض الشواذّ، وسمعه بنو عقيل فحرَّفوه، مع ملاحظة المعنى؛ فقالوا: يوم الجُمَعة، بضمٍّ ففتحٍ، والله أعلم.
[ص ٢] فصل
يَرِد في الأحاديث عند ذكر اليوم "يوم الجمعة"، ويَرِد فيها "الجمعة" مفردًا، ويجيء فيها عند ذكر الصلاة "صلاة الجمعة"، ويَرِد فيها "الجمعة" مفردًا؛ فأيُّ هذه الأصلُ؟
أقول: أما تسمية الصلاة أو اليوم ابتداءً بهذا المصدر الذي معناه الاجتماع فبعيد، فتبقى احتمالات:
الأول: أن يكون أول ما نظر الشرع إلى الصلاة فسمّاها "صلاة الجمعة"؛ أي: صلاة الاجتماع، ثم أتبعَها اليوم، فقال:"يوم الجمعة". وتقديره: يوم صلاة الاجتماع.
الثاني: عكسه.
الثالث: أن يكون نَظَر إليهما معًا؛ فسمّى الصلاة "صلاة الجمعة" واليوم "يوم الجمعة".