للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ١] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين حمدًا يُوافي نِعَمَه ويكافئ مزيدَه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.

أما بعد، فإنني سُئلتُ عن صيام ستة أيام من شوال، وذُكِر لي عن رجلٍ من ذوي الفضل والصلاح أنه يقول: إن صيامها بدعة، وإن حديثها موضوع، لأنه تفرد به سعد بن سعيد الأنصاري، وقد طعن فيه أئمة الحديث.

فأقول: أما قوله: "إن صيامها بدعة" فيُبطله ما ستعلمه من صحةِ الحديث وعملِ بعض الصحابة والتابعين به، وإطباقِ المذاهب على استحباب صيامها.

وأما قوله: "إن الحديث موضوع" فعجيب، فإن أئمة الحديث منهم من صرَّح بصحته، ومنهم مَن عمل به وأفتى واقتضى ذلك تصحيحَه له، ومنهم من رواه ووثَّق رواته، ومنهم من بلغه ذلك ولم يأتِ عنه إنكارٌ له، اللهم إلّا عبارة لمالك رحمه الله يُعلَم بتدبُّرها أنها لا تُخالف ذلك. ولم أر في كتب فقه الحديث نقلًا عن أحدٍ من أهل العلم أنه أنكر صحةَ الحديث فضلًا عن القول بأنه ضعيف، إلَّا أن يتردّد فيه بعضهم بالنظر إلى طُرقه. نعم قال التقي السبكي: "قد طعن في هذا الحديث مَن لا فهمَ له، مغترًّا بقول الترمذي: إنه حسن". ذكره في "سبل السلام" (١)، ثم قال: فوجهُ الاغترار أن الترمذي لم


(١) (٢/ ١٦٧) ط. دار الفكر.