للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ٥٤] القَدْر المشروع لرفع القبر

لم أطلع على ما يُسْتَدل به في هذا بالنسبة إلى غير المِلك، إلا أن يقال: إن الظاهر أن يعين لذلك الأمر الذي تقتضيه طبيعة الحال، وهو إعادة تراب الحفرة إليها، بلا نقصان ولا زيادة.

ويؤيد بأحاديث النهي عن الزيادة الآتية، فإن مفهومها جواز إعادة تراب الحفرة، سواءً أقل أم كثر.

وربما يُعْترض هذا بقول فَضالة: "أخِفّوا عنه" على ما قدمنا.

ويمكن أن يجاب: بأنه لعل البقعة التي حفر فيها القبر ترابية، بحيث يختلط التراب الخارج من الحفرة بالتراب الذي حواليها، فلا يتميز. وفيه شيءٌ.

ولكن ورد الدليل على مقدار الرفع في الملك، وعمَّمه العلماء في الملك وغيره، [ص ٥٥] لعدم الفرق.

ففي "صحيح ابن حبان" (١): أخبرنا السختياني ثنا أبو كامل الجَحْدري ثنا الفُضيل بن سليمان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أُلْحِدَ له، ونُصِب عليه اللبن نصبًا، ورُفِع قبره من الأرض نحوًا من شبر.

فهذا عمل أكابر الصحابة رضي الله عنهم، ولا نعلم لهم مخالفًا، والصحابة ذلك اليوم متوافرون بالمدينة، ولم يرد في الكتاب أو السنة ما يخالف ذلك، فكان حجة.


(١) رقم (٦٦٣٥).