للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قال الله تبارك وتعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١].

قوله: {وَلِأَبَوَيْهِ} أي المتوفى، وقد يجتمعان، وقد يكون أحدهما فقط، ومنطوق الآية إنما هو حال اجتماعهما، أما في الجملة الأولى والثانية فظاهر، وأما الثالثة فلأنها مبنية على ما قبلها، ولكن الحكم فيما إذا كان أحدهما فقط يؤخذ من مفهوم الآية وغيره من الأدلة.

فأما الجملة الأولى أعني قوله: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ}، فإنها تُثبت حكمَ الأبوين إذا اجتمعا مع الولد، وهو أن لكل منهما السدس، فأما الباقي فالحكم فيه معروف، لم يعلم فيه خلاف إلا في صورة ما إذا كان الولد بنتًا واحدة، وليس معهم أحد الزوجين، فإن البنت تأخذ النصف كما نصّ عليه في أول الآية، ويأخذ الأبوان السدسين، فيبقى سدس، والجمهور أن هذا السدس الباقي يكون للأب على وجه التعصيب، لحديث "ألحِقوا الفرائض بأهلها". وخالف فيها الإمامية، فقالوا بردّ هذا السدس على الأم والبنت، وكذلك إذا كان مع من ذُكِر زوجة، فإنها تأخذ الثمن كما نصّ عليه في آخر الآية، فيبقى ربع السدس.

وأما إذا كان أحد الأبوين مع الولد فالحكم أن له السدس فرضًا، وقد فُهم ذلك من الآية، أما أنه لا ينقص عنه فلأنه إذا لم ينقص عنه مع وجود