الرابع: قالوا: قد يفيد الآحاد العلم بمعونة القرائن. ومثَّلوه بما فيه نظر. ولكن القول صحيح؛ فإن من القرائن ما يفيد العلم مجردًا عن الخبر، فكيف لا يكون منها ما يفيده مع الخبر؟
كما إذا وضعتَ شيئًا ثقيلًا في صندوق، ثم غبت، ثم رجعت فرفعت الصندوق فإذا هو خفيف، بحيث تعلم قطعًا أنه لا يمكن أن يكون ذلك الشيء فيه.
وهكذا إذا وضعتَ حمامة في قفص محكم مقفل، ووضعته بحيث تعلم أنه لم تصل إليه يد إنسان، ثم تفقدته فإذا فيه بيضة! وقس على ذلك.
ويدخل في القرائن عدالة المخبر، وكونه معروفًا بالصدق، وكونه ليس له هوى في ذلك الخبر، وكونه مشهودًا له بالإتقان، وذكره للخبر قصة، وكون القصة تتعلق به، إلى غير ذلك مما بسطه أهل العلم في وجوه الترجيح.
والعدالة تتفاوت، فأعلاها عدالة من عدَّله الله تعالى، ثم رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وشهد له بالجنة.
وكذلك الصدق، فأعلاه صدق من أخبر الله تبارك وتعالى بأنه صدوق.
وكذلك عدم الهوى، فمن أعلاه أن يكون للمخبر هوى في نقيض ذلك الخبر، كأن يكون في الخبر غضاضةٌ عليه.
وكذلك الإتقان، فأعلاه في الثقة أن يصفه جهابذة الحفاظ بأنه لم