للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس السبط بعمدة، لكن عبارة «المنتظم» تُشعر بصحة الزيادة. هذا حال [١/ ١٣٠] ابن الجوزي في آخر عمره، فأما الخطيب فإنه كان انتقاله في حداثته؛ ليتمكَّن من طلب العلم، لا ليُحمل على الرؤوس. وكأنَّ كلام ابن الجوزي هذا مما جرَّأ السبط على الانتقال إلى مذهب أبي حنيفة تقرُّبًا إلى الملك عيسى بن أبي بكر الأيوبي. وقد دافع عنه صاحب «الذيل» على كتابه «المرآة» ــ كما في «لسان الميزان» (١) ــ بقوله: «وعندي أنه لم ينتقل عن مذهبه إلا في الصورة الظاهرة». وهذا العذر يدفع احتمال أن يكون انتقل تديُّنًا، ويعيِّن أنه إنما انتقل لأجل الدنيا.

[فصل]

قد علمتَ بعض ما كان يلقاه الخطيب من إيذاء العامة حتى في الجامع وقت إملاء الحديث، وفي بيته إذ كانوا يطيِّنون عليه بابه، فيحُولون بينه وبين شهود الجماعة. عاش الخطيب في هذا الوسط إلى أن ناهز الستين من عمره، وأولئك المؤذون يتعاقبونه نهارًا وليلًا يتمنَّون أن يقفوا له على زلَّة، أو يعثروا له على عثرة، فيشيعوها ويذيعوها، ويدوِّنها خصومه في كتبهم وتواريخهم، لكنه لم يكن من ذلك شيء. أفليس في هذا الدلالة القاطعة على نزاهة الخطيب وطهارة سيرته؟

اللَّهم إلا أن في «معجم الأدباء» لياقوت (ج ٤ ص ٢٩) (٢) عن ابن السمعاني عن عبد العزيز النخشبي أنه قال في «معجم شيوخه»: «ومنهم


(١) (٨/ ٥٦٥).
(٢) (١/ ٣٩٠ - ٣٩١).