لا يخفى أن التصحيح ــ كما يدل عليه لفظه ــ المقصود منه: نفي الغلط، وإثبات الصحيح، وإبراز الكتاب على الهيئة الصحيحة.
وللصحة اعتباران: صحة الألفاظ، وصحة المعاني.
ومدار التصحيح على صحة الألفاظ، فأما المعاني فإنما يجب نظر المصحح إليها من جهة دلالتها على حال الألفاظ؛ فإننا قد نجد في الكتب مواضع يختلُّ فيها المعنى اختلالًا ظاهرًا، نعلم منه أنه وقع اختلال في الألفاظ. كأن يقع هذه العبارة:"فقد روى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: الدين النصيحة"، فنرى أن الصواب:"فقد رُوي عن ... الدين النصيحة"؛ أو نحو ذلك. وكأن يكون المعنى الحاصل من العبارة خلاف ما يدل عليه السياق، إلى غير ذلك. فأما ما عدا ذلك، فالنظر فيه والتعليق عليه ليس من التصحيح، وإنما هو من الشرح. فإن التزم المصحح الشرحَ فذاك، وإلا فإنما ينبغي له التعليق الشرحي في المواضع المهمة. وقد جريتُ في تعليقي على "التاريخ الكبير" للبخاري على ما يُعرف بمطالعته رأيي في هذا.
وأما تصحيح الألفاظ، ففيه (١) اعتبارات:
الأول: أن تكون النسخة المنقولة أو المطبوعة مطابقة للنسخة الأصل المنقول منها، أو المطبوع عنها.
الثاني: أن تكون مطابقة لما كان عليه أصل المؤلف.
(١) "فإن التزم ... ففيه" مضروب عليها بالقلم الرصاص، ولكن لا يستقيم السياق دونها.