للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخليق لذاك. ترك عطاءً، وأقبل على أبي العطوف!».

قال الأستاذ (ص ١٢٨): «فيه انقطاع ومجهول؛ لأنه لم يبيِّن أنه سمع الرجل يقول، وأنه حضر القصة، كما لم يبيِّن من هو هذا الرجل .... ثم من الغريب أن يزعم زاعم ... مع أنه ما من مسند من المسانيد السبعة عشر المؤلفة في أحاديث أبي حنيفة إلا وفيه روايته عن عطاء بكثرة. وأما أبو العطوف ... فهو متأخر الوفاة عن أبي حنيفة بنحو ثماني عشرة سنة، وقد قلَّت رواية أبي حنيفة عنه جدًّا، ولا مانع من الرواية عنه قبل طروء الغفلة به. وقد ذكره أحمد بالغفلة فقط. وقال ابن معين: ليس بشيء. وهو كثيرًا ما يقول هذا فيمن قلّ حديثه. ومن ظن بأبي حنيفة أنه لا يميِّز بين مَنْ به غفلة أو تهمة [وبين غيره] (١) فقد ظنَّ باطلًا. وأبو حنيفة يُكثر جدًّا عن عطاء ... بل ليس بين شيوخه بعد حماد بن أبي سليمان مَن يُكثِر عنه قدرَ إكثاره عن عطاء. وأما أبو العطوف فرواياته عنه كلُّها لا تزيد على نحو خمس روايات ... ».

أقول: أما الانقطاع والمجهول فقد تقدم النظر فيه في القواعد (٢). وأما قوله: «ما من مسند من المسانيد السبعة عشر ... إلا وفيه روايته عن عطاء بكثرة»، وقوله: «وأبو حنيفة يُكثِر جدًّا عن عطاء»؛ ففيه نظر ظاهر، لأن غالب الجامعين لتلك المسانيد متأخرون، وجماعة منهم متَّهَمون بالكذب، ومن لم يكن منهم متهمًا يكثر أن يكون في أسانيده إلى أبي حنيفة مَنْ لا يُعتدُّ بروايته. ومع ذلك فقد تصفَّحْتُ «جامع المسانيد» فلم أجد فيه عن أبي حنيفة عن عطاء إلا نحو ثلاثين رواية، لعله لا يصحُّ منها عن أبي حنيفة [إلّا] (٣) خمسٌ


(١) ساقط من (ط). والزيادة من التأنيب.
(٢) (ص ١٣٤ - ١٤٣).
(٣) زيادة يستقيم بها السياق.