للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصحَّ صلاته بدونها، وإما أن لا تلزمه الصلاة أصلًا.

قلت: الاحتمال الثاني كان منتفيًا عند الصحابة الذين خُوطبوا بالحديث، وكذا عند غيرهم من الأمة؛ بما علموه من القاعدة الشرعية المقرَّرة للصلاة؛ وهي أنَّ من عجز عن شيءٍ من أركانها كان عليه أن يصلِّي، ويأتي بما قدر عليه. وإذا كان هذا مقرَّرًا عندهم فهو في قوَّة الاستثناء؛ لأنه دليل مقارن للنص، فهو كالعقل فيما ذكره صدر الشريعة.

[ص ٢٣] وقد حاول بعضهم (١) أن يجيب عن حديث أبي هريرة، فقال: إنَّ الخِداج معناها الناقصة، ويوضِّح ذلك تفسيره بقوله: "غير تمام"، وهذا يدلُّ أنها صحيحة.

والجواب: أنَّ الخِداج عند أهل اللغة: إلقاء الناقة ولدها لغير تمام الأيام، وإن كان تامَّ الخلق. وقيل: إلقاؤها إياه ناقصًا قبل الوقت. وقيل: إلقاؤها إياه دمًا. وقيل: إلقاؤها إياه أملطَ، لم ينبتْ عليه شعر. قال الأزهري (٢): ويقال إذا ألقتْه دمًا: قد خَدجتْ وهو خِداج.

وعلى كل حال فالمعنى: إلقاؤها إياه ميتًا، ولم يصرِّحوا فيما رأيت بقولهم "ميتًا" لأنَّ الإلقاء يدلُّ عليه؛ فإنهم لا يقولون: ألقتْ ولدها إلَاّ إذا كان ميتًا. وفي "اللسان" (٣): "أجهضت الناقةُ إجهاضًا وهي مُجهِضٌ: ألقت


(١) انظر "فتح الملهم" للشيخ شبير أحمد العثماني (٣/ ٢٥٢) ط. دار إحياء التراث العربي.
(٢) "تهذيب اللغة" (٧/ ٤٥).
(٣) "لسان العرب" (٨/ ٤٠٠، ٤٠١).