للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علماء الدين فتكون إجماعًا، وإما أن لا يظهر فيها مخالفة إلا ممن يشذّ، فيكون اتباع الجمهور المعلوم أنهم إنما يتبعون كتاب الله تعالى وسنة رسوله أخذًا بالراجح الواضح.

وهذا إنما يحتاج إليه في فروع العقائد التي لا يضرُّ عدم استيقانها. هذا مع أنه يسهل على العلماء أن يذكروا للعامة الحجة النقلية، فيفهمها العامة فيكونون متبعين للشرع، وبذلك تطمئن قلوبهم، ويزيد إيمانهم، ويعظم ثوابهم. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

وأما القادحون في الجميع، فهم السوفسطائية. وهم ثلاث فرق، أمثلها وأفضلها كما في "المواقف" و"شرحها" (١) اللاأدرية، يشكُّون في كل شيء.

الثانية: العنادية، يزعمون أن لا موجود أصلًا.

الثالثة: العندية، يقولون: حقائق الأشياء تابعة للاعتقاد، فمذهب كل طائفة حق بالنظر إليهم، وليس في نفس الأمر شيء بحق.

[٢/ ٢٢١] قال السيد في "شرح المواقف" (٢): "إنما نشأ هذا من الإشكالات المتعارضة ... وبالجملة ما من قضية بديهية أو نظرية إلا ولها معارضة مثلها في القوة تقاومها".

أقول: فيعلم بهذا أن طريق المتعمّقين مشتبهة مُوقِعةٌ في كثرة الخطأ والغلط والاختلاف والارتياب والجنون، وحُقَّ لمن رغب عن سبيل الله عز وجل وابتغى الهدى في غيرها أن يقع في مثل هذا التيه.


(١) "المواقف" (ص ٢١) و"شرحها" (١/ ١٨٦).
(٢) (١/ ١٨٧).