للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُراد بـ"الأصل": مُسْتَندٌ يُسنَد إليه الحادث وإن لم يصلح للاستناد، كاستناد الخوارج إلى قول الله عز وجل: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: ٥٧]، واستناد غلاة المرجئة ــ القائلين بأنَّه لا يضر مع الإيمان عمل ــ إلى قول الله عز وجل: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل: ١٥ ــ ١٦]، ونحو ذلك.

أو يُراد به مُسْتَندٌ يصلح للاستناد.

لا يصحُّ الأول حتمًا، وإلَّا لم يكن على وجه الأرض بدعة؛ إذ ما من بدعة إلَّا وأصحابها يتشبَّثون بآية، أو حديث، أو قياس، أو دعوى إجماع.

ولا الثاني؛ لأنَّ المفروض أنَّ المُحْدَث لم يكن موجودًا في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فيكون قد تركه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فتَرْكُه له حُجَّة بالغة على أنَّه ليس من الدين. وسيأتي توضيح ذلك إن شاء الله تعالى.

والجواب باختيار الثاني، وترك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للشيء لا يستلزم أن لا يكون من الدِّين مطلقًا، بل أنْ لا يكون في الدين في مثل الحال التي تركه فيها - صلى الله عليه وآله وسلم -.

فقد يكون الأمر من الدين بدلالة الكتاب والسنة، ولكنَّه موقوف على وجود أمر آخر لم يقع في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم وقع بعده، وذلك كركوب البواخر والقطار والسيَّارات والطيَّارات للحج، وكالقتال بالبنادق والمدافع في الجهاد.

فقد قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}