للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أنَّ الغَيْلَ يضرُّ، ثم تفكَّر في حال فارس والروم فقال الحديث الأول، ثُمّ أَعْلَمَه الله عزَّ وجلَّ بأنّ الغَيْلَ يَضُرُّ ولو بعد حين، فقال الحديث الثاني.

وقد يجيء في الشريعة ما يشير إلى مسائل طبيعية إذا دَعَت إليها ضرورة،

ولكنّها تُعْرَض بمَعْرِضٍ ديني، أو يُنبَّه عليها إجمالًا.

فمِن الأوّل النّهي عن الشرب قائمًا، وقوله: "إنَّ الشيطان يشرب معه" (١).

ومن الثاني النّهي عن النفخ في الطعام والشراب (٢)، وغير ذلك.

والمقصود: أنَّ قول ذلك العالم: إنَّ الشريعة إنَّما جاءت لتعليم الدين عقائد وأحكامًا، وإنَّ ما جاء فيها ممّا يتعلَّق بشيءٍ من علوم الطبيعة والتاريخ


(١) أمَّا النَّهي عن الشُّرب قائمًا فأخرجه مسلم (٢٠٢٤، ٢٠٢٥، ٢٠٢٦) من حديث أنس وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهم.
وأمَّا ذكر أنَّ علَّة ذلك شُرب الشَّيطان معه فقد أخرجه أحمد (٢/ ٣٠١) والدارمي (٢١٧٤) ومسدَّد وابن أبي شيبة (كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري ٤/ ٣٤١) والبزار كما في "كشف الأستار" (٣/ ٣٤٢) وغيرهم، من طرق عن شعبة عن أبي زياد الطحَّان عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٥/ ٧٩): "رجال أحمد ثقات".
وقال الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٨٢): "أبو زياد لا يُعرف اسمه، وقد وثَّقه يحيى بن معين".
وصحَّحه الألباني في "الصحيحة" تحت الحديث (١٧٥).
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٢٢٠) وأبو داود (٣٧٢٧) والترمذي (١٨٨٨) وغيرهم، من طريق ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال الترمذي: "حسنٌ صحيح"، وصحَّحه الألباني في "الإرواء" (١٩٧٧) على شرط البخاري.