للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حقيقتهما وكنههما على ماهما عليه.

واعلم أن التأويل يكون للفعل، كخرق صاحب موسى سفينة المساكين، وقتله الغلام، وإقامته الجدار؛ ويكون للرؤيا، ويكون للكلام. فتأويل الفعل إما مآله أي ما يؤول إليه، وهو المقصود من فعله، كسلامة السفينة من غصب الملك، وسلامة أبوَيِ الغلام من إرهاقه، وسلامة كنز اليتيمين؛ وإما بيان أن الفعل يؤول إلى ذلك المآل. قال الله تعالى فيما قصَّه عن صاحب موسى: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: ٧٨]، ثم أخبره بأن القصد من تلك الأفعال أن تؤول ذاك المآل، ثم قال: {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: ٨٢]. وقال تعالى: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩، الإسراء: ٣٥].

وتأويل الرؤيا: إما مآلها، وهو الواقع في نفس الأمر الذي هي تمثيل له، كسجود إخوة يوسف وأبويه له، فقال يوسف فيما قصَّه الله تعالى عنه: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ} [يوسف: ١٠٠]، وإما بيان ما تؤول إليه، وذلك تعبيرها. ومنه ما قصَّه الله تعالى من قول يعقوب [٢/ ٣٣٩] ليوسف: {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: ٦]، ثم قال تعالى: {وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: ٢١]، ثم قول يوسف: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: ١٠١].

ويحتمل المعنيين ما قصَّه الله تعالى من قول صاحبي السجن ليوسف: {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف: ٣٦]، وقوله لهما: {إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف: ٣٧]،