وقول الناجي منهما للملك ومن معه:{أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ}[يوسف: ٤٥] بعد قول أصحاب الملك: {وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ}[يوسف: ٤٤].
وتأويل الكلام: إما مآله الخارجي، وهو الواقع في نفس الأمر إذا كان الكلام خبرًا، والفعل المأمور به إذا كان أمرًا، وقِسْ على ذلك. قصَّ الله عز وجل في سورة (الأعراف) حالَ القيامة والجنة والنار، ثم قال: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف: ٥٢ - ٥٣].
وقال تعالى:{وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ} إلى أن قال: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ}[يونس: ٣٧ - ٣٩].
وفي «صحيح مسلم»(١) من حديث عائشة: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحان الله وبحمده اللهم اغفر لي، يتأول القرآن». تريد ــ والله أعلم ــ: يأتي بتأويل قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ}[النصر: ٣].
وإما مآله المعنوي كأن يقال: تأويل «رأيت أسدًا يَرْمي»: رأيت رجلًا شجاعًا. وإما بيان أحدهما، وهذا هو المسمى بالتفسير.
ويحتمل هذا والذي قبله قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في
(١) رقم (٤٨٤)، ولفظه: «سبحانك اللهم ربَّنا وبحمدك، اللهم اغفر لي». وهو في «صحيح البخاري» (٨١٧، ٤٩٦٨).