للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشترك في معنييه معًا، وإما على ما يشبه التخيير الإباحي، كأنه قيل: مَن فهم هذا وبنى عليه فقد أصاب، ومن فهم هذا وبنى عليه فقد أصاب.

والمتكلمون يقولون: إن المعنى الأول محال على الله عز وجل، لأن ذلك من صفات الأجسام. ولا شأن لنا الآن بهم، وإنما الكلام هاهنا فيما فهمه المخاطبون الأولون، وقد سمعتَ قول كبار التابعين المروي عن بعض الصحابة. ومن الواضح أنه لا ينافي المعاني التي ينكرها المتعمِّقون من آيات الصفات وأحاديثها. وكذلك المعنى الثاني لا ينافيها، وإنما حاصله أن الله سبحانه هو الذي يَعمِدُ الخلقُ إلى قصده فيما يهمُّهم. وحاصله أنه سبحانه المنفرد بالربوبية واستحقاق الألوهية.

قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} واضح، ليس فيه ما ينافي تلك المعاني.

قوله سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} مرَّ في حديث أبي العالية (١): «ولم يكن له شبيه ولا عِدْل وليس كمثله شيء». وأخرج ابن جرير (٢) من نسخة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: «ليس كمثله شيء، فسبحان الله الواحد القهار». وأخرج (٣) من وجه صحيح عن مجاهد قال: «صاحبة». والمعنى الأول متضمن للثاني، والمنفي هاهنا هو الكفء. والمشاركة الإجمالية في الوجود والعالمية والقادرية وغيرها ليست مكافأة،


(١) عند الترمذي (٣٣٦٤). وانظر «تفسير الطبري» (٢٤/ ٧٣٨).
(٢) «تفسيره» (٢٤/ ٧٣٨).
(٣) المصدر نفسه (٢٤/ ٧٣٩).