ومنهم: بعض الغلاة في الرأي، حاولوا أن يثبتوا أن في الأحاديث التي يصححها أهل الحديث ما هو معارض للقرآن، أو معارض للقواعد الشرعية.
ولم يصنعوا شيئًا.
وبالجملة، فهذه الأقوال الأخيرة ليست طعنًا في حجية خبر الواحد من حيث هو، وإنما هي محاولة توهينه في الجملة، ليسهُلَ على أولئك المحاولين ردُّ ما يخالف أهواءهم.
وحقيقة الحال أنهم يحاولون أن يزيدوا في شروط قبول خبر الواحد.
وذلك أن من الشروط المتفق عليها: أن لا يخالف صريح المعقول. وأهل الأهواء يحاولون زيادة: أن لا يخالف ما زعم أئمتهم ــ كجهم، والجبائي، وابن سينا، وأضرابهم ــ أنه معقول. حتى يحاول الأشاعرة أن لا يخالف قول الأشعري، ولا قول الباقلاني، إلى غير ذلك. وجرى مثل ذلك للمقلدين في الفروع.
ومن الشروط المتفق عليها في الجملة: أن لا يخالف نصًّا قطعيًّا من كتاب الله عز وجل. وبعض الفقهاء حاولوا توسيع دائرة القطعية في دلالة الكتاب، وللكلام معهم موضع آخر.
فأما النزاع في الجزئيات، كطعن بعض الجهمية في حماد بن سلمة؛ فليس هذا موضع الكلام فيه، ولكن هاهنا تنبيه كلي، وهو أن من هذا الضرب أن تكون أشعريًّا مثلًا، فتنظر في مسألة قد خُولِف فيها الأشاعرة، وأنت