الظاهر ــ والله أعلم ــ أنّ اسم «النوء» من النوء الذي هو النهوض، وذلك أنّ المنزلة الساقطة في الفجر هي نفسها الناهضة بعد العصر في ذلك اليوم، وبعد العصر هو وقت نزول المطر غالبًا في بلاد العرب.
فلمّا رأوا أنّ نزول المطر غالبًا يكون عند طلوع هذه الكواكب سمَّوها «أنواء».
وإنّما اعتبروا سقوط الفجر لأنّ الساقط بالفجر يُرى بالنظر حين سقوطه، ولا يُرى في ذلك اليوم عند طلوعه؛ لأنّه يطلع نهارًا كما تقدّم. نَعم، إنّه يُرى بعد المغرب، ولكن في مكان لا ينضبط وهو أثناء السماء، والانضباط إنّما يكون بالطلوع والغروب.
وبما تقدم يُجاب عمّا قد يُسأل عنه، من كونهم لماذا لم ينسبوا المطر إلى طالع الفجر الذي هو رقيب الغارب، وهو رقيبه دائمًا، مع أنّ تسبُّب الطالع في المطر أقرب إلى الوهم من تسبب الغارب؟
ونحن قدّمنا ــ بحمد الله تعالى ــ أنّهم لاحظوا هذا، أعني أنّ تسبّب الطالع أقرب، ولكنّهم لاحظوا أنّه ينبغي ذلك في الذي يكون طالعًا في الساعة التي يغلب نزول المطر فيها، وهي بعد العصر في بلادهم. والله أعلم (١).