للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢/ ٦٠] المسألة التاسعة

الطلاق قبل النكاح

في "تاريخ بغداد" (١٣/ ٤١١ [٤٣٨]): عن أحمد بن حنبل أنه قيل له: قول أبي حنيفة: الطلاق قبل النكاح؟ فقال: "مسكين أبو حنيفة! كأنه لم يكن من العراق، كأنه لم يكن من العلم بشيء. قد جاء فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن الصحابة، وعن نيف وعشرين من التابعين مثل سعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وطاوس، وعكرمة. كيف يجترئ أن يقول: تطلق؟ ".

قال الأستاذ (ص ١٤٢): " ... على أن مذهب أبي حنيفة أنه لا طلاق إلا في مِلْك، أو مضافًا إلى مِلْك، أو عُلْقة من علائق الملك، ... وقد أجمعت الأمة أنه لا يقع طلاق قبل النكاح لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} الآية [الأحزاب: ٤٩]. فمن علَّق الطلاق بالنكاح وقال: إن نكحتُ فلانةَ فهي طالق، لا يُعَدُّ هذا المعلِّق مطلِّقًا قبل النكاح ولا الطلاقُ واقعًا قبل النكاح. وإنما يُعَدُّ مطلِّقًا بعده، حيث يقع الطلاق بعد عقد النكاح، فيكون هذا خارجًا من متناول الآية ومن متناول حديث: "لا طلاق قبل النكاح"؛ لأن الطلاق في تلك المسالة بعد النكاح لا قبله. وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه الثلاثة وعثمان البَتِّي. وهو قول الثوري، ومالك، والنخعي، ومجاهد، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز فيما إذا خَصَّ. والأحاديث في هذا الباب لا تخلو عن اضطراب، والخلافُ طويل الذيل بين السلف فيما إذا عَمَّ أو خَصَّ. وقول عمر بن الخطاب صريح فيما ذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه. وتابع الشافعي ابن المسيِّب سواء عمَّ أو خصَّ، وإليه ذهب أحمد".