للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن أصحاب أبي حنيفة مجمعون على أن مذهبه تقديم الضعيف على القياس، كأنه أراد أن جميع أصحابه ينقلون عنه تلك المسائل ويذكرون في الاستدلال لها تلك الأحاديث الضعيفة.

وهذا كلّه مناورة، وقد عُلم جوابه من المهمّة الثانية (١). ومن راجع أصول الحنفية تبيَّن له الصواب.

الأمر الثاني: ما نُقل عن أحمد بن حنبل رحمه الله أنه يحتج بالضعيف إذا لم يكن في الباب غيره (٢)، وقد عُلِم جوابه من المهمّة الأولى (٣)، وبذلك أجاب بعض المحققين من أتباعه. ويؤيّده أن الناقلين مثّلوا الضعيفَ الذي يأخذ به إذا لم يجد غيره [ص ٧] بحديث عَمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهو من قبيل الحسن عند أحمد، كما يظهر من كلامه فيه؛ قال مرة في عَمْرو: له أشياء مناكير وإنما يُكتب حديثُه يُعتبر به، فأما أن يكون حجةً فلا. وقال مرةً: أنا أكتبُ حديثَه، وربما احتججنا به، وربما وَجَس في القلب منه شيء. وقال مرة: أصحاب الحديث إذا شاؤوا احتجوا بحديث عَمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإذا شاؤوا تركوه (٤). وقال البخاري: رأيت أحمد بن حنبل وعلي ابن المديني وإسحاق بن راهويه وأبا عُبيد وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عَمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ما تركه أحدٌ


(١) (ص ١٥٦).
(٢) انظر "إعلام الموقعين": (٢/ ٥٥ و ١٤٥ - ١٤٦).
(٣) (ص ١٥٦).
(٤) انظر نصوص أحمد في "موسوعة أقوال أحمد في الرجال": (٣/ ٩٩ - ١٠٠).