لا شبهة أن المبتدع إن خرج ببدعته عن الإسلام لم تقبل روايته، لأن من شرط قبول الرواية: الإسلام.
وأنه إن ظهر عناده، أو إسرافه في اتباع الهوى، والإعراض عن حجج الحق، ونحو ذلك مما هو أدلّ على وهن التدين من كثير من الكبائر كشرب الخمر وأخذ الربا، فليس بعدل فلا تقبل روايته؛ وشرط قبول الرواية: العدالة.
وأنه إن استحلَّ الكذب، فإما أن يكفر بذلك، وإما أن يفسق. فإن عذرناه فمِنْ شرط قبول الرواية: الصدق، فلا تقبل روايته.
وأن من تردّد أهلُ العلم فيه، فلم يتجه لهم أن يكفِّروه أو يفسِّقوه، ولا أن يعدِّلوه، فلا تقبل روايته، لأنه لم تثبت عدالته.
ويبقى النظر فيمن عدا هؤلاء. والمشهور الذي نقل ابن حبان والحاكم (١) إجماع أئمة السنة عليه أن المبتدع الداعية لا يُقبل البتة، وأما غير الداعية فكالسُّنّي.
واختلف المتأخرون في تعليل ردّ الداعية، والتحقيق إن شاء الله تعالى: أن ما اتفق أئمة السنة على أنها بدعة، فالداعية إليها الذي حقّه أن يسمى داعية لا يكون إلا من الأنواع الأولى، إن لم يتجه تكفيره اتجه تفسيقه، فإن لم يتجه تفسيقه فعلى الأقل لا تثبت عدالتُه.
(١) كلام ابن حبان في "المجروحين": (٣/ ٦٣). وكلام الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص ١٣٣).