للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القلم عنه مرفوع! فقال: لقد سمعت أبا يوسف يقول: قول الحجازيين في الماء أحسن من قولنا، وقولنا فيه خطأ». ثم ساق إلى أن قال (ص ١٢١ - ١٢٢): «فقال: ما أحسنَ قولَكم في الماء! قلت: أفترجع إلى الحسن؟ فما علمته رجع ... ».

ومن لطائفه: ما تراه في «الأم» (ج ٦ ص ١٦٠) (١) ذكر مناظرته مع بعضهم إلى أن قال: «وكانت حجته في أن لا تُقتل المرأة على الردة شيئًا رواه عن عاصم عن أبي رَزين عن ابن عباس ... وكلَّمني بعض من يذهب هذا المذهب، وبحضرتنا جماعة من أهل العلم بالحديث، فسألناهم عن هذا الحديث، فما علمت واحدًا منهم سكت عن أن قال: هذا خطأ، والذي روى هذا ليس ممن يُثبت أهلُ العلم حديثَه، فقلت له: قد سمعتَ ما قال هؤلاء الذين لا شكَّ في علمهم بحديثك ... قال: إني إنما ذهبتُ في ترك قتل النساء إلى القياس ... ». فكأن الشافعي كان متوقعًا البحث في ذاك المجلس عن هذه المسألة، وأن يستدل مناظره بحديث أبي حنيفة عن عاصم، وكره الشافعي أن يقول هو في أبي حنيفة شيئًا يسوء صاحبه، وكان لا بد له من بيان أن الحديث لا يصلح للحجة، فتلطَّف في الجمع بين المصلحتين بأن أوعز إلى جماعة من العلماء بالحديث أن يحضروا المجلس ليكون الكلام في أبي حنيفة منهم. ولعله أتمَّ اللطفَ بأن أظهر أنه لم يتواطأ معهم على الحضور!

وألطفُ من هذا أنه حافظ على هذا الخلق الكريم في حكايته المناظرة


(١) (٧/ ٤١٧ - ٤١٨).