للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التزام أن يكون حقًّا أم باطلًا. لكن الرجل قد تاب وأناب كما تقدَّم، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولو كان الذنب كفرًا صريحًا. وبعد التوبة لا يجوز أن يُطعن في الرجل بما قد تاب منه، ولو كان كفرًا.

والذين كانوا يشنِّعون على أبي حنيفة بأنه اسْتُتيب من الكفر مرتين، إنما كانوا يستروحون إلى أن عَوده إلى ما استتيب منه حتى استتيب ثانيًا كأنه يَرِيب في صحة توبته الأولى، وأنه بقي عنده ما يناسب ما استتيب منه وإن لم يكن كفرًا. وهذا تعنُّت سوَّغه عندهم أنهم احتاجوا إليه للتنفير عن اتباع أبي حنيفة فيما لم يرجع عنه مما يرونه أخطأ فيه.

وبعدُ، فقد أطبق أهل العلم على السماع من ابن أبي داود وتوثيقه والاحتجاج به، ولم يبق معنى للطعن فيه بتلك الحكاية وغيرها مما مرَّ. فروى عنه الحاكم أبو أحمد، والدارقطني، وابن المظفر، وابن شاهين، وعبد الباقي بن قانع حافظ الحنفية، وأبو بكر بن مجاهد المقرئ، وخلق لا يحصَون. وتقدَّم قول أبي الفضل صالح بن أحمد التميمي الهمذاني الحافظ فيه: «إمام العراق وعَلَم العلم في الأمصار ... ». وتقدَّم أيضًا ثناءُ أبي الشيخ وأبي نعيم. وذكر السُّلَمي أنه سأل الدارقطني عنه، فقال: «ثقة إلا أنه كثير الخطأ في الكلام على الحديث». وقال الخليلي: «حافظ إمامُ وقته عالم متفق عليه. واحتج به من صنَّف الصحيح: أبو علي النيسابوري، وابن [١/ ٣٠٥] حمزة الأصبهاني. وكان يقال: أئمة ثلاثة في زمن واحد: ابن أبي داود، وابن خزيمة، وابن أبي حاتم»، وقد طعن الأستاذ في هؤلاء الثلاثة كلِّهم، وعدَّهم مجسِّمين، يعني أنهم على عقيدة أئمة الحديث، وقد ذكرتُ