للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أمرني بهذا، وإن كنتَ طلقتَها ثلاثًا، فقد حرمتْ عليك حتى تنكح زوجًا غيرك، وعصيتَ الله فيما أمرك من طلاق امرأتك".

ومثله ما يُروى عن عمر: أن رجلًا قال له: إني طلقت امرأتي البتةَ وهي حائض. فقال: عصيتَ ربك، وفارقتَ امرأتك. قال: فإن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أمر ابن عمر أن يراجع امرأته؟ قال: إنه أمر ابن عمر أن يراجعها بطلاق بقي له، وأنت لم تُبقِ ما ترتجعُ به امرأتك.

رواه الدارقطني (١) من طريق إسماعيل بن إبراهيم الترجماني عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، والسند بعد ذلك صحيح. والترجماني قالوا: "لا بأس به". ووثقه بعض المتأخرين (٢)، والجمحي مختلف فيه (٣).

[ص ٧] وقد أطال أهل العلم الكلامَ في هذه المسألة، فلنقدم كلام الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في كتاب "اختلاف الحديث" (٤). قال: "باب في طلاق الثلاث المجموعة"، ثم ذكر حديث ابن عباس بمعنى الرواية الثانية عند مسلم، ثم أسند عن ابن عباس: "أن رجلًا قال له: طلَّقتُ امرأتي ألفًا. فقال: تأخذ ثلاثًا، وتَدَعُ تسعمائة وسبعًا وتسعين" (٥).

وبسند آخر: "قال رجلٌ لابن عباس: طلقتُ امرأتي مائةً. فقال: تأخذ ثلاثًا، وتَدَعُ سبعًا وتسعين".


(١) (٤/ ٨).
(٢) انظر "تهذيب التهذيب" (١/ ٢٧١، ٢٧٢).
(٣) انظر المصدر السابق (٤/ ٥٥، ٥٦).
(٤) ضمن كتاب "الأم" (١٠/ ٢٥٦، ٢٥٧) ط. دار الوفاء.
(٥) أخرجه أيضًا عبد الرزاق في "المصنف" (٦/ ٣٩٧) والبيهقي (٧/ ٣٣٧).