أقول: أما أنا فلم أقف على نسخة من هذه المسائل (١)، فإن كان الأستاذ وقف عليها، فهل ما وقف عليه هو بخطوط هؤلاء الذين سمَّاهم؟ فإن لم تكن بخطوطهم ولا بخطوط تلامذتهم، بل تداولها النساخ والرواة، فمن أين يتجه أن يَعُدَّ ما فيها من خطأ هو من أحمد نفسه؟ ونحن نرى النساخ يغلطون كثيرًا حتى في كتابة القرآن، مع أنهم ينقلون من مصاحف واضحة الخط منقوطة مضبوطة. ولم أر أحدًا قبل الأستاذ حاول الطعن في عربيَّة أحمد، ولا نسب إليه شيئًا من اللحن، كما نُسب إلى غيره من الأئمة.
فصل
قال الأستاذ (ص ١٤١): «تفقه أول ما تفقه على أبي يوسف القاضي وكتب عنه ثلاثة قماطر من العلم، كما في أوائل «سيرة ابن سيد الناس»، و «تاريخ الخطيب»(٣/ ١٧٧)».
أقول: الذي في «تاريخ الخطيب» في ذاك الموضع: « ... إبراهيم بن جابر حدثني عبد الله بن أحمد قال: كتب أبي عن أبي يوسف ومحمد ثلاثة قماطر، فقلت له: كان ينظر فيها؟ قال: كان ربما نظر فيها، وكان أكثر نظره في كتب الواقدي». وهذا لا يُعطي أنه تفقه على أبي يوسف. فأما الكتابة عنه وعن محمد ــ إن صحَّت ــ فالظاهر أنه إنما كتب عنهما مما يرويانه من [١/ ١٦٦] الآثار، ومع ذلك لم يرو عن أحد منهما ولا بنى على روايته حكمًا.
(١) وقد طبعت هذه المسائل جميعها ولله الحمد، وطبع غيرها من مسائل الإمام كمسائل ابن هانئ، وبعض مسائل حرب الكرماني، ومسائل المرّوذي، وبعض الجامع للخلال.