للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبواه، وهو كما ترى، وفي هذا الإشارةُ إلى أن الجملة الآتية ــ قوله: "وإن كان له أخوة ... " ــ مستقلة أيضًا.

{فَإِنْ كَانَ لَهُ} المورث {إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} الجملة مستأنفةٌ كما علمتَ، فالإخوة يحجبون الأمَّ إلى السدس مطلقًا، سواء أكان هناك أبٌ أم لا. وقد زعم قوم أن هذه الجملة مبنية على ما قبلها، كأنهم يعنون أن الضمير يعود على مُورِث مخصوص، أي الذي له أبوان، أو أن المعنى: (فإن كان له) مع ذلك أي مع الأبوين (إخوة)، وهو غير ظاهر، وقد تقدم ما يردُّه. وعلى تسليمه فليس فيه تقييد كما توهَّمه الجيراجي (١)، وإنما أريد به النصُّ على أن الأخوة يحجبون الأمَّ إلى السدس مع وجود الأب، ويُفهم منه أنهم يحجبون الأم مع عدم الأب من بابِ أولى، لأنهم إذا حجبوها مع ضعفهم بوجوده، فمع قوتهم عند عدمه أولى وأحرى.

(الإخوة)

اختلف الأصوليون في أصل الجمع: أهو اثنان أم ثلاثة، والصحيح أن العرب مختلفون فيه، ففي لسان قريش أن أقلَّ ما يصدق عليه "الإخوة" ثلاثة، كما صحَّ عن ابن عباس في مراجعته لعثمان (٢). وفي لسان الأنصار وغيرهم أنه يصدُق على اثنين، كما صحَّ عن زيد بن ثابت (٣). وفي القرآن مواضع نزلت بلغة قريش، ومواضع بلغة غيرهم، فإجماع الصحابة ــ وفيهم


(١) في "الوراثة في الإسلام" (ص ٤١).
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٤٦٥) والحاكم في "المستدرك" (٤/ ٣٣٥) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٢٧).
(٣) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٤/ ٣٣٥) والبيهقي (٦/ ٢٢٧).