للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن حجرات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أو بعضها كانت بيوتًا [ ... ] (١).

وقد يحتمل أن يكون ذلك الموضع بُنِي للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قبل هذا الحكم، ولا يدفع هذا قول عائشة: "والبيوت يومئذٍ ليس فيها [كُنُفٌ] (٢) "؛ لاحتمال أن يكون المعنى ليس فيها كلها، فلا ينافي أن يكون قد كان في بعضها، ولم يُغيِّره النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد الحكم؛ لأنه منحرف، وفي تغييره كلفة.

وأما الأمر الثالث؛ فلا ريب أن الأصل والظاهر هو الرواية باللفظ، أو بما لا يخالفه مخالفةً لها شأن، وأنه لا يجوز تجويز خلاف هذا لغير دليل، وأنا إنما جوزته في رواية عبيد الله لما يتراءى من الأدلة.

[ص ٨] على أني أقول: قد تقدم ترجيح ما في رواية يحيى من قوله: "مستقبلاً بيت المقدس" بما لا غبار عليه، وإذا صح وصححنا زيادة عبيد الله، فالراجح من وجوه الاختلاف فيها تأخيرها بلفظ: "مستدبرًا القبلةَ". ويحتمل في حقه الاحتمالان اللذان تقدما في حق مالك فقد جاء عن ابن عمر التوسعة في القبلة، وعليه فالجواب ما تقدم. والله أعلم.

هذا ولأهل العلم في هذا الحديث أقوال أخرى:

منها: أنه لا يحتج به، لاحتمال أن القصة كانت قبل النهي، وفي هذا بحثٌ محلُّه كتب الأصول.

ومنها: عكسه، وهو أنه ناسخ للنهي إما مطلقًا، وإما بالنسبة إلى الاستدبار أو إلى البيوت، أو إلى المراحيض، ورُدّ من وجوه:


(١) هنا بياض في الأصل.
(٢) هنا بياض في الأصل. وقول عائشة في حديث الإفك الطويل: "وذلك قبل أن نتخذ الكُنُفَ قريبًا من بيوتنا"، أخرجه البخاري (٢٦٦١، ٤٧٥٠) ومسلم (٢٧٧٠).