وانحلَّت واضمحلَّت، واقتصر على الشبهات الأبكار التي يجد لذّةً في اختراعها، ويجد أهلُ العلم لذةً في افتراعها!
وذكر الأستاذ (ص ١١٦) ما روي عن مالك أنه ذكر أبا حنيفة فقال: «كاد الدينَ، كاد الدينَ». قال الأستاذ:«لست أدري كيف يرميه من يرميه بكيد الدين مع أنه لم يكن متساهلًا في أمر الطهور، ولا متبرئًا من المسح على الخفين في رواية من الروايات، ولا منقطعًا عن الجمعة والجماعات .... ».
ذكر الأستاذ أمورًا تُنسَب إلى مالك ليس فيها ما يداني ما عِيبَ به غيرُه، بل ليس فيما يصحُّ منها بحمد الله عز وجل ما يسوِّغ لذي علم أن يذكره في معرض العيب. وأشفُّها لزومُ البيت وتركُ حضور الجماعة، وقد روي عن مالك أنه قيل له في ذلك فقال:«ليس كلُّ الناس يقدر أن يتكلم بعذره». فعرف الناس أن له عذرًا، وعلموا أنه مؤتمن على دينه، ما كان ليمنعه من ذلك إلا عذر شديد. وقد يكون ذلك كراهية الصلاة خلف أمراء الجور، ومثل هذا العذر لو باح به بطشوا به وأفقدوا الأمة علمه وإمامته، وفي ذلك من الضرر على الدين والأمة ما فيه.
وقال الأستاذ (ص ٦٧): «ذكر المبرد في كتاب «اللحنة» عن محمد بن القاسم التمائمي عن [١/ ٣٨٣] الأصمعي قال: دخلت المدينة على مالك بن أنس، فما هِبتُ أحدًا هيبتي له، فتكلم، فلحن، فقال: مُطرنا البارحةَ مطرًا أيَّ مطرًا. فخفَّ في عيني فقلت .... فقال: فكيف لو رأيتم ربيعة؟ كنا نقول له: كيف أصبحت؟ فيقول: بخيرًا بخيرًا».
أقول: هذه الحكاية منكرة عن الأصمعي، فيُنظر مَن حكاها عن كتاب المبرّد. وعلى فرض ثبوتها عن المبرّد ففيه كلام معروف. ومحمد بن