[ل ٣٩/ب] الحمدُ لله، ملكٌ لا يَرشُدُ مَن لم يستمسِكْ برُشْدِه. متفضِّلٌ جميع الفضل بيده، يسمَحُ به مِن عنده. مجيد، بحيث لا يُدرِك العالمون ولا طرفًا من حقيقة مجده. فياضُ الفضل على أهل الإقرار به وأهلِ جَحده. {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}[الإسراء: ٤٤].
وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهٌ لا يهلِكُ مَن وحَّدَه. الشقيُّ مَن أشقاه في الأزل، والسعيدُ مَن أسَعَده. فلا يهتدي مَنْ عن سبيل الفوز أبعَدَه وقيَّدَه. ولا يضلُّ مَن إلى مواردِ رضوانِه أوردَه وأرشدَه {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ}[النحل: ٧٨].
وأشهد أنَّ سيّدنا محمدًا عبدُه ورسولُه إلى العالمين. رسولٌ شرَّفه الله على جميع أنبيائه الأكرمين، واسطةُ عِقْدهم، خاتمةُ مِسْكهم، على أنه فاتحةُ خلقهم (١)؛ فهو أولُ أوَّلِهم، وأوسطُ أوسطِهم، وآخِر الآخِرين. فما أعظمَ الرسولَ الذي عظَّمه جميعُ الأعظمين. أنزل الله تعالى عليه:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[النحل: ٨٩].
(١) يشير إلى ما روي عن أبي هريرة مرفوعًا: "كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث"، في "الفوائد المجموعة" تحقيق المعلمي (٢٨٨): "قال الصنعاني: هو موضوع. وكذا قال ابن تيمية". وانظر: "السلسلة الضعيفة" (٦٦١).