أو يرفع حكمًا أو يضعه= على ما عدا ذلك الضرب من الجواز والاستحباب.
[ص ١٨] فصل
يجب أولًا أن نعلم ما هو التساهل الذي كان يعتمده ابن مهدي وغيره، فأقول: حاصل ما في "فتح المغيث"(١): أن التساهل هو أن لا يَنصّ على ضعف الحديث بل يكتفي بسياق إسناده، أو ذِكْره بصيغة التمريض، نحو رُوِي ويُروَى.
أقول: وعندي في هذا نظر؛ فإننا نجد في الكتب أحاديث ضعيفة في العقائد والأحكام قد رواها ابنُ مهدي وغيره ولم يبين ضعفها. وهذا "مسند أحمد" فيه أحاديث كثيرة ضعيفة في العقائد والأحكام ولم يبيِّن ضعفها، بل غالب مصنفات المتقدمين كذلك، كمصنَّفَي عبد الرزاق وابن أبي شيبة ومسانيد إسحاق والحميدي وعبد بن حُمَيد، وسنن النسائي الكبرى، وسنن الدارمي وابن ماجه، وتاريخ البخاري، وغيرها.
والذي أراه أن تشديد ابن مهدي هو أنه كان يتأمَّل الحديثَ الذي قد سمعه، فإن كان في العقائد والأحكام بدأ فنظر في إسناده ومتنه، فإذا تبيَّن له أن الحديث شديد الضعف بحيث لا يصلح للحجة ولا للاعتبار لم يَرْوِه أصلًا، فإن اضطرّ لروايته بيَّن ضعفه. وإن كان الحديث في غير العقائد والأحكام رواه ما لم يعلم أنه موضوع، فإذا علم أنه موضوع لم يروه أصلًا، فإن اضطر إلى روايته بيَّن وضعَه. فهذا الصنيع هو الذي ينطبق على ما نجده