للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر الثالث: لا يلزم من ضعف السند ضعف الحديث لاحتمال أن يكون ثابتًا بإسنادٍ آخر، وقد لا يكون ثابتًا ولكن معناه ثابت بدليل آخر من الكتاب أو السنة أو الإجماع.

وكذلك لا يلزم من ثقة رجال الإسناد وثبوت أنَّ كلًّا منهم قد لقي شيخَه أن يكون الحديث صحيحًا، لاحتمال أن يكون هناك خطأ أو غلط لو فتَّش عنه العارفُ الماهرُ لوَجَده.

فلهذا كان الواجب على مَن يتكلّم في الأحاديث ولم يبلغ درجة التحقيق أو لم يعمل بِحَسَبها أن يحتاط فيقول في التضعيف: "لا يصح بهذا السند"، "في سنده فلان وهو ضعيف" أو نحو ذلك. ويقول في التصحيح: "رجاله ثقات" أو "رجاله رجال الصحيح" أو نحو ذلك، فإذا كان بعض الأئمة قد ضعَّف الحديث أو صحّحه أحال عليه.

الأمر الرابع: الإنسان مُولَعٌ بالحرص على التفوّق بأن يُظهر أن عنده ما ليس عند غيره، فرواة الحديث يحرصون على شيئين:

الأول: علوّ الإسناد، بأن يكون الحديث عند الرجل بوسائط أقل مما عند نُظرائه، كأن يكون بينه وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعة، وبين نُظرائه وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من ذلك.

الثاني: الغرابة، كأن يكون عنده أحاديث لا توجد عند غيره، أو تكون عنده وعندهم من وجوه مشهورة، وهي عنده من أوجهٍ أخرى ليست عندهم.

وكثيرًا ما جرّ الحرص على العلوّ والغرابة إلى تقديم الصحيح على الأصح، والضعيف على الصحيح، والغلط على الصواب، والباطل على