للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقياس هنا غير واضح، كما يظهر للمتأمل. فلم يبق إلا المفاوضة، فأرشد الله عز وجل إلى إرجاع النفقة، فرضي الفريقان بذلك.

والوجه الثاني: أن إعطاء النفقة للكفار جُعل في مقابله إعطاؤهم للمسلمين نفقة من يرتدُّ من نسائهم.

مع أنه ليس في المعاهدة الأولى أن على الكفار إرجاع نساء المؤمنين ولا عدمه، بل هنَّ أيضًا مسكوت عنهن. فتبيَّن من هذا أنه اتفاق آخر. والله أعلم.

* * * *

باب الإسراء

عن ابن عباس قال: سرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بين مكة والمدينة، فمررنا بواد فقال: «أيُّ واد هذا؟» فقالوا: وادي الأزرق، فقال: «كأني أنظر إلى موسى - صلى الله عليه وسلم - ــ فذكر من لونه وشعره شيئًا لم يحفظه داود (أحد الرواة) ــ واضعًا أصبعيه في أُذُنيه له جُؤَار إلى الله بالتلبية مارًّا بهذا الوادي» (١).

يقول كاتبه: يؤخذ منه استحباب وضع السبابتين في الأذنين عند الأذان لزيادة رفع الصوت.

فأما ما في «البخاري» أن ابن عمر كان لا يفعله، ويُذكر أن بلالًا كان يفعله (٢)، فالظاهر ــ والله أعلم ــ أن ابن عمر لم يكن يقصد زيادة رفع الصوت كما كان يقصده بلال، أو كان صوته عاليًا بحيث لا يحتاج إلى ذلك،


(١) رقم (١٦٦/ ٢٦٩)
(٢) علَّقه البخاري في كتاب الأذان، باب: هل يتتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهنا؟