في «الصحيح»(١) عن ابن عباس وأبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جمع بأصحابه في المدينة بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء لغير عذر ولا سفر». وفي رواية:«ولا مطر».
فأخذ بهذا بعض التابعين وغيرهم. وتأوَّله الجمهور؛ فمنهم من تأوَّله بأنه كان لعذر. ورُدَّ بأن الصحابي قد قال:«بغير عُذرٍ»، وفعله ابن عبَّاس لغير عذر.
ثم ما هو العذر؟ فقيل: مرض، ورُدَّ بما تقدَّم، وبأن ابن عبَّاسٍ فعله وهو يخطب في الجامع، وبأن المرض تُحِيل العادة أن يعمَّ، ولو كان خاصًّا بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يكن عذرًا في حقِّ غيره.
وقيل: مطر، ورُدَّ بما تقدَّم من إطلاق الصحابي أنه لغير عذر، وأن ابن عبَّاس فعله وهو يخطب في الجامع، وبأنه ثبت في بعض الروايات:«ولا مطر». وأيضًا فابن عبَّاس جمع تأخيرًا، وجمع المطر في الحديث من مذهب الشافعي خاصٌّ بالتقديم، وهو الذي يقتضيه النظر. على أن الجمع للمطر لم تقم عليه حجَّة، وإنما يحتجُّون عليه بهذا الحديث، وهو كما ترى.
وقيل ــ وهو أقرب ما قيل ــ: لعلَّه جمعٌ صوري، ورُدَّ بأن ابن عبَّاس لمَّا سُئل عن سبب ذلك قال:«أراد أن لا يُحرج أمَّته».
(١) أخرجه البخاري (٥٤٣) عن ابن عباس، ومسلم (٧٠٥) من حديثهما.