للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يبق بيد الشارح ما يستدلُّ به على نسخ أحاديث فرضية الفاتحة، وقد تقدَّم الجواب عن حديث مسلم: "لا صلاة إلَاّ بقراءة"؛ فثبتت فرضية الفاتحة على الإطلاق.

فأما أحاديث المخالجة والمنازعة وما ورد في نهي المأموم عن القراءة، فسنتكلَّم عليها في مسألة قراءة المأموم، إن شاء الله تعالى.

ثم إنَّ الشارح لم تطب نفسه بما كانت سمحت به من الاعتراف بأنَّ حديث عبادة يدلُّ على الركنية، فقال: (يحتمل حديث: "لا صلاة إلَاّ بفاتحة الكتاب" معنى غير معنى الركنية؛ كما في حديث عائشة الذي رواه مسلم (١)، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: "لا صلاةَ بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثانِ". وفي "الشرح الكبير" (٢): قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه لو صلَّى بحضرة الطعام فأكمل صلاته أنَّ صلاته تُجزِئه، كذلك إذا صلَّى حاقنًا).

أقول: لفظ الحديث عند الترمذي (٣): "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".

ثم اعلم أنه لا يرتاب مسلمٌ أنَّ كلمة التوحيد (لا إله إلَاّ الله) صريحةٌ في نفي وجود إله غير الله تعالى، وقوله: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" مثلها؛ فهي صريحةٌ في نفي وجود صلاة لمن لم يقرأ الفاتحة.


(١) رقم (٥٦٠).
(٢) للشمس المقدسي (٣/ ٥٩٥). وانظر "التمهيد" (٢٢/ ٢٠٦) و"الاستذكار" (٦/ ٢٠٦).
(٣) رقم (٢٤٧).