للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجم ولكن عليه الجلد. وكما أن من ارتكب موجبَ الحدِّ يُحَدُّ ولا يعزَّر، ومن ارتكب ما دون ذلك لم يُحَدَّ ولكنه يعزَّر.

ردَّ الطحاوي حديث أبي واقد في الغالِّ بدعوى مخالفة لا حقيقة لها، لدلالة لا يقول بها الجمهور، ثم احتج بحديث أبي واقد نفسه هنا مع مخالفته مخالفةً محققةً لدلالة متفقٍ عليها من الآية نفسها. فإن حديثه هنا ينفي القطع عن عدد كثير يحقُّ على كلٍّ منهم اسم «السارق»، وهم كلُّ مَن كان مسروقه أقل من قيمة المجنّ، والآية توجب بعمومها قطعَ كلِّ مَن يحق عليه [٢/ ٩٦] اسمُ «السارق». ودلالة العموم متفق عليها، بل يقول الحنفية: إنها قطعية. ثم يبالغ الطحاوي فيقول: «فعلمنا بهذا ... » كأنه يرى أبا واقد معصومًا يوجب حديثه العلم، ويجعل ذلك أمرًا مفروغًا منه، وإنما الشأن في معرفة قيمة المجن!

ومع ذلك نجاري الطحاوي في النظر في قيمة المجن. ذكر الطحاوي أن بعض أهل العلم يقول: إنها ثلاثة دراهم بحديث ابن عمر السابق. قال (١): «وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا يُقطَع السارق إلا فيما يساوي عشرة دراهم فصاعدًا، واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن أبي داود (وهو إبراهيم بن سليمان بن داود الأسدي البُرُلُّسِي) و (أبو زرعة) عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قالا: ثنا أحمد بن خالد الوهبي قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن أيوب بن موسى، عن عطاء، عن ابن عباس قال: كان قيمة المجنّ الذي قَطع فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عشرة دراهم».


(١) «معاني الآثار» (٣/ ١٦٣).