للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كنتُ أولًا جريًا على العادة أتفاءل بالقرآن، فتفاءلتُ يومًا فوقعتُ على قول الله عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} [المائدة: ١٠١]. فبدا لي أنَّ فيها كالدلالة على النَّهي عن التَّفاؤل بالقرآن، فنظرتُ في هذه المسألة فظهر لي النَّهي من الأدلة الثابتة، فتركتُ ذلك. والحمد لله.

ومن التَّجربة التي وقع فيها الناس من كتابة العُوَذِ (١) التي تشتمل على تعظيم الملائكة والكواكب والجن، أو على ألفاظ غير معروفة المعنى، أو غير ذلك ممَّا لم يكن معروفًا في سلف الأمة، وإنَّما أخذه الناس عن الصَّابئة كما ذكره الشَّهْرِسْتَاني في "المِلَل والنِّحَل" (٢)، وقد يتعدَّون ذلك، فيذبحون للجن، ويقرِّبون لهم الأطعمة وغير ذلك، يعملون هذا للمصاب بالصَّرَع ونحوه، وقريبٌ من ذلك عند الزواج أو بناء دار أو نحو ذلك؛ ليدفعوا شرَّ الجن.

وقد كان العلماء إذا أُتوا بمصروع قرأوا عليه الرُّقية النَّبوية ونحوها من الآيات والأدعية، ويكتفون عند الزَّواج والبناء ونحوه بذكر اسم الله ودعائه، فنَشَأ من المعزِّمين (٣) من ليس له دين ولا يقين، فلم تنفع رقيتهم بالآيات والدعاء فرجعوا إلى استرضاء الشياطين بما يُعدُّ عبادة لهم، والعياذ بالله.


(١) جمع: "عُوْذَة"، وهي: الرُّقْيَة. كما في "القاموس المحيط" (مادة: عوذ).
(٢) (٢/ ٣٥٩).
(٣) جمع "معزِّم"، وهو قارئ "العزائم" أي: الرُّقى. كما في "القاموس المحيط" وغيره (مادة: عزم).