فيها بالظهور تكون قطعية إذا علم أنه لم يكن وقت حاجة المخاطبين إلى الأخذ بها قرينة صارفة عن ذاك الظاهر؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز. وينبغي أن يتنبه لأن القرينة إنما يعتدّ بها إذا كانت بيِّنة يدركها المخاطَب إذا تدبَّر، ولتقرير هذا موضع آخر.
ومقتضى صنيع أبي ريَّة أن دلائل القرآن ــ بَلْه الأحاديث ــ كلها ظنية. (ج).
وقال قبل ذلك:(قال الجمهور: إن أخبار الآحاد لا تفيد العلم قطعًا ولو كانت مخرَّجة في البخاري ومسلم، وأنّ تلقي الأمة لهما بالقبول إنما يفيد العمل بما فيهما؛ بناء على أن الأمة مأمورة بالأخذ بكل خبر يغلب على الظن صدقه).
أقول: مسألة أخبار «الصحيحين» تأتي (١)، وإنما المهمّ هنا أنه علَّق على آخر هذه العبارة قوله:(ترى هل هذه القاعدة التي قرروها قد أمر الله بها ورسوله؟ وترى هل هي تخرجنا من حكم اتباع الظن الذي جاء في آيات كثيرة من القرآن مثل:{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[يونس: ٣٦]. {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[النجم: ٢٨] ومثل قوله تعالى في قول النصارى بصلب المسيح: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ}[النساء: ١٥٧]). (د).
تأمَّل هذه القضايا المرموز على أواخرها بهذه الأحرف (ألف ــ ب ــ ج ــ د) وانظر ماذا بقي لأبي ريَّة من الدين؟
أما الآيات، فقد قيل وقيل. ومن تدبّر السياقَ وتتبّع مواقعَ كلمة {يُغْنِي} ومشتقاتها في القرآن وغيره تبيَّن له ما يأتي: كلمة {الْحَقِّ} في الآيتين مراد