للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأوازعي من ذلك.

فأما ما يرجى من الأجر على الاتباع في الحق، فلهما من ذلك النصيبُ الأوفر بما نشراه من السنة علمًا وعملًا. وهذه الأمهات الستُّ المتداوَلة بين الناس حافلةٌ بالأحاديث المروية من طريقهما، وليس فيها لصاحبكم ومشاهير أصحابه حديث واحد! وقد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في «تاريخه الكبير» (١) في ترجمة الثوري: «قال لنا عبدان عن ابن المبارك: كنتُ إذا شئتُ رأيتُ سفيان مصلِّيًا، وإذا شئتُ رأيته محدثًا، وإذا شئتُ رأيته في غامض الفقه. ومجلسٌ [آخر] شُهِدَ (في «التاريخ الصغير» (٢) ص ١٨٧: شهدته) ما صُلِّي فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - ــ يعني: مجلس النعمان» ولهذه الحكاية طرف في «تاريخ بغداد» (٣) و «تقدمة الجرح والتعديل» (٤) لابن أبي حاتم وغيرهما.

وقد علمنا كيف انتشر مذهبكم:

أولًا: أولع الناس به لما فيه من تقريب الحصول على الرئاسة، بدون تعب في طلب الأحاديث وسماعها وحفظها والبحث عن رواتها وعللها وغير ذلك؛ إذ رأوا أنه يكفي الرجلَ أن يحصل له طرف يسير من ذلك، ثم يتصرَّف برأيه، فإذا به قد صار رئيسًا!


(١) (٤/ ٩٢).
(٢) في «الأوسط»: (٣/ ٦٠٠) طبع خطأً باسم الصغير.
(٣) (١٣/ ٤٢٨).
(٤) (ص ٦٥، ١١٥ - ١١٦).