وحكى شهادة شاهد اسمه عمر بن محمد هران الباجلي بقوله:"أشهد لله تعالى أن هذه الساحة أنها كانت ملك السيد قاسم مغني، وبعده ولده السيد أحمد قاسم، وبعد ذلك اشتراها المغبوش وصارت ملكه، والسبيل على حاله".
ثم حكى شهادة محمد عيسى بن سالم، وحسين بن علي عَنْدَلَهْ، بمعنى شهادة عمر بن محمد، إلَّا أنهما قالا:"حقَّ السيد قاسم" بدل "مِلْك"، وهي في لغة العامة مرادفة لها. فإن لم يكفِ ذلك حلف مع المصرّح.
ثم حكى أنه بعث أمينَيْنِ للكشف على المحلّ، فوجدا بين الدكان المدَّعى أنه في السبيل، وبين الدكان المقابل له ثلاثة أذرُعٍ ورُبُعٌ هي عرض السبيل، وأن ذلك ــ طبعًا ــ يضرّ بالمارّة، مع أن الشارع قدَّر الطريق سبعة أذرع.
هذا خلاصة هذه الدعوى.
ولما وصل الحاكم إلى الحكم وقع في حَيْصَ بَيْصَ! وبان الخُبر، وحار الغُمر، فلم يدر ما يقول في ذلك المقام، إلا أنه هَيْنَم بألفاظٍ نادَتْ عليه بالجهل، وأعلَمتْ أنه ليس للقضاء بأهل.
وأمّا ما عندنا في ذلك:
فأولاً: الشهادة الواردة من طرف المدّعي قد سبق إبطالها، وعلى فرض صحتها، فقد عارضتْها الشهادةُ الواردة من طرف المدَّعَى عليه، ولاسيّما المصرِّحة بالمِلْك، المبيِّنة لسببه بتسلسل الشراء إلى حيث انتهى علمها لطول المدة، مع أنه لا يُشترط لبيّنةِ الداخل بيانُ السبب.