للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ١٠] وقد استدلَّ من يقول بأن لها سُنَّة قبليَّة بأمور:

أحدها: القياس على الظهر. وهو ــ وإن ذكره النووي ــ بعيد، كما ذكره العراقي (١) وغيره. وما قيل: إنَّ البخاري أَوْمَأَ إليه بقوله في ترجمته: «باب الصلاة بعد الجُمعة وقبلها» فيه نظر. بل قد يُدَّعَى العكس؛ لأنَّ الحديث الذي أَوْردَه يدلُّ على أنَّه ليس للجُمعة سُنَّة قبليَّة، ويدل على أنَّها مخالِفة للظهر، وهو حديث ابن عمر الذي مرَّ قريبًا.

ومن تراجم البخاري: «باب الصلاة قبل العيد وبعده» (٢). ومراده أنها غير مشروعة، كما تدل عليه الأحاديث التي أوردها. فيكون مراده هنا أن الصلاة بعد الجُمعة مشروعة وقبلها غير مشروعة، فقدَّم المثبَت وأخّر المنفيَّ. والمراد بالصلاة قبل الجُمعة أي: الراتبة، فأما النفل المطلق فهو مشروع قطعًا كما مر.

ومع ذلك فالقياس إنما يُعمَل به في إثبات الأحكام لا في إثبات عبادة مستقلّة.

وقد أجاب بعضُ العلماء أن القول بالقياس هنا إنما هو بناءً على أن الجُمعة ظهرٌ مقصورة.

وهذا باطل، والصحيح أن الجمعة صلاة مستقلّة.

وزعم بعضهم أن الجمعة هي الظهر، وإنما أُقيمت الخطبتان مقام


(١) انظر: «طرح التثريب» (٣/ ٤١).
(٢) «الصحيح مع الفتح» (٢/ ٤٧٦).