للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التمس الهدى من غير السراط المستقيم مستحقٌّ أن يُضِلَّه الله عز وجل. وما يزعمه بعضُ غلاتهم من أن لهم علاماتٍ يميزون بها بين ما هو حق من الكشف وما هو باطل= دعوى فارغة، إلا ما تقدم عن أبي سليمان الداراني، وهو أن الحق ما شهد له الكتاب والسنة. لكن المقصود الشهادة الصريحة التي يفهمها أهل العلم من الكتاب والسنة بالطريق التي كان يفهمها بها السلف الصالح.

فأما ما عُرِف عن المتصوفة من تحريف النصوص بما هو أشنع وأفظع من تحريف الباطنية، فهذا لا يشهد لكشفهم، بل يشهد عليه أوضحَ شهادة بأنه من أبطل الباطل.

أولًا: لأن النصوص بدلالتها المعروفة حجة، فإذا شهدت ببطلان قولهم عُلِم أنه باطل.

ثانيًا: لأنهم يعترفون أن الكشف محتاجٌ إلى شهادة الشرع، فإن قبلوا من الكشف تأويل الشرع، فالكشف شهد لنفسه، فمن يشهد له على تأويله؟

وأما التحديث والإلهام، ففي "صحيح البخاري" (١) وغيره من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لقد كان فيما قبلكم من الأمم مُحَدَّثون، فإن يكن في أمتي أحد فإنه عمر". وأخرجه مسلم (٢) من حديث أبي سلمة عن عائشة، وفيه: "فإن يكن في أمتي منهم أحد، فإن عمر بن الخطاب منهم". وجاء في عدة روايات تفسيرُ التحديث بالإلهام.


(١) رقم (٣٦٨٩).
(٢) رقم (٢٣٩٨).