وأما المأخذ الخَلَفي الأول، وهو النظر المتعمَّق فيه، أعنى الكلامي والفلسفي، فقد تقدَّم بعض ما فيه.
وقد يقال: إن من شأنه أن يشهد للمأخذ السلفي الأول فيما أصاب فيه، ويكشف عن خطائه فيما أخطأ فيه، ويتغلغل إلى ما قَصَر عنه، وأن يبيِّن المراد من المأخذ السلفي الثاني؛ فعلى هذا لا معنى لنفور أهل الدين الحق عنه.
فأقول: أما من جهة النظر الإسلامي، فما يُخشَى من خطأ المأخذ السلفي الأول قد تكفَّل الشرعُ بكشف الحال فيه، كما أبطل نسبةَ الولد إلى الله عز وجل، واستبعادَ الحشر، واستحقاقَ غير الله عز وجل للعبادة، وغيرَ ذلك.
وما يقصُر عنه المأخذُ السلفيُّ الأول في العقائد قد تكفَّل الشرعُ ببيانه، فإن بقي شيء فالخوض فيه بدعة. وما يُخْشَى من الخطأ في فهم النصوص، لابد أن يكون في المأخذَين السلفيَّين ما يكشف الحق فيه ضرورةَ أنهما كافيان مُغنيان بشهادة العقل والشرع القاطعة، كما تقدَّم.
فبقي النظر المتعمَّق فيه لا حاجة إليه في معرفة العقائد في الإسلام، وهو مثار للشُّبُهات والتشكيكات كما يأتي، لا جَرَمَ وجب التنفير عنه والتحذير منه، وقد تقدم من الحجة على ذلك ما فيه غنًى لطالب الحقّ. فأما النظر فيه لكشف شبهات أهله، فسيأتي ما فيه إن شاء الله تعالى.
ولنذفِّفْ على هذا المأخذ بسلاح أهله، لينكشفَ عُوارُه، وتنهتكَ (١)