بعد موته= لا يكذب عليه - صلى الله عليه وسلم - متعمّدًا، وقد تقدّم بيانُ ذلك (١)، ولا يُظنُّ به أن يرتكب كبيرةً غير متأوِّل ويصرّ عليها. والعارف المنصف لا يستطيع أن يجحد أنّ هذه الحال كانت هي الغالبة فيهم، فالواجب الحملُ عليها ما دام ذلك محتملًا. وعلماءُ السنة يجدون الاحتمال قائمًا في كلِّ ما نقل نقلًا ثابتًا، نعم قد يبعد في بعض القضايا ولكنهم يرونه مع بُعده أقربَ من ضدِّه، وذلك مبسوط في كتبهم.
قال ص ٣٢٥:(ونحن لا نغلو في تقديس الناس إلى هذا الحد البعيد).
أقول: وعلماء السنة كما رأيتَ لا يبلغون ذلك الحدّ، وإن كانوا يعلمون أنَّ حال الصحابة لا تُقاس بحال غيرهم.
قال:(ولا نرى في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يكونوا يرون في أنفسهم).
أقول: المدار على الحجة، فإذا ثبت عندنا أن أحدهم كان يرى في صاحبه أمرًا فليس لنا أن نوافقه إذا لم نعلم له حجة، فكيف إذا ما قامت الحجةُ على خلافه؟ وأوضح من ذلك: أنه ليس لنا أن نتَّهم غير صاحبه بمثل تلك التهمة ما دام لا حجة لنا على ذلك. فأما الاستدلال على الإمكان فعلماء السنة لم ينفوا الإمكان إلا فيما قام عليه دليلٌ شرعيّ كالتبشير بالجنة. والدليل الشرعي لا يعارضه ما دونه.
[ص ٢٠٦] قال: (وهم تقاذفوا التُّهَم الخطيرة، وكان منهم فريق تراموا بالكفر والفسوق، فقد رُوِي أن عمار بن ياسر ... ).
أقول: أما الترامي بالفسوق بمعنى ارتكاب بعض الكبائر فقد كان بعض