للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو ورد حديثان ضعيفان، أحدهما: أن المكثرين من صيام التطوع يُسْقَون قبل غيرهم. والآخر: أن صائمي ثاني يوم من صفر يُسقون قبل غيرهم. فأيُّ الحديثين تدلّ النصوص التي تقدمت عن الإمام أحمد وغيره على أنهم يتساهلون في روايته؟ آلأول الذي ليس فيه حكم زائد ولا سنة ولا حلال ولا حرام؟ أم الثاني وفيه حكم زائد وسنة وحلال وحرام، على ما مرَّ تقريرُه؟

بقي شيءٌ وهو أن الحاكم قال في أول كتاب الدعوات من "المستدرك": ["وأنا بمشيئة الله أُجري الأخبار التي سقطت على الشيخين في كتاب الدعوات على مذهب أبي سعيد عبد الرحمن بن مهدي في قبولها؛ فإني سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت أبا الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: كان أبي يحكي عن عبد الرحمن بن مهدي، يقول: إذا روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحلال والحرام والأحكام شدّدنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال، وإذا روينا في فضائل الأعمال والثواب والعقاب والمباحات والدعوات تساهلنا في الأسانيد"] (١) "المستدرك" ج ١ ص ٤٩٠.

فزاد في عبارة ابن مهدي "المباحات والدعوات" فلقائل أن يقول: هذه الزيادة تمنع حمل التساهل في كلام ابن مهدي على التساهل في رواية الضعيف على الضرب الأول، وتُعيِّن أنه أراد الضرب الثاني والثالث.

وأقول: أما المباحات فلم يُرِد ابن مهدي أنه يتساهل في الضعاف الواردة بفضائل لما ثبت في الشرع أنه مباح، فإن هذه الضعاف فيها سنن


(١) ترك المؤلف ثلاثة أسطر لكلام الحاكم، فأضفناها من "المستدرك".