للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأَمارات التي يزعمونها محتملةٌ لذلك أيضًا، وللتخلُّف، وغير ذلك.

وأعظم من هذا كلِّه أنَّه قد جاء في الحديث وصف القرآن بأنَّه «من يبتغي الهُدَى في غيره أضلَّه الله» (١). فمَن ابتغي معرفة الحقِّ من حيث لم يشرعه الله عزَّ وجلَّ بصريح شريعته فهو أهلٌ لأن يضلَّه الله عزَّ وجلَّ، ويستدرجه، ويُلَبَّس عليه ما لَبَّس على نفسه، والعياذ بالله.

الأمر الثالث: أنَّ ما أوضح الله عزَّ وجلَّ لعباده بصريح شَرْعِهِ أنَّه طريقٌ يعرف به الحقَّ في دينه = فهو معصومٌ بالجملة، وهو سبحانه يتكفَّل بحفظه.

وما يحتمل فيه من الخطأ فهو إمَّا خطأ صوري، إنَّما وقع لحِكْمَةٍ.

وإمَّا معفوٌّ عنه، بل مأجورٌ فيه أجرًا واحدًا، وإمَّا معفوٌّ عنه فقط. اللَّهمَّ إلَّا أن يكون خطأً عن تقصيرٍ بيِّنٍ من النَّاظر، فالذَّنب في هذا له.

وقد أوضحتُ هذا في موضعٍ آخر.

وأمَّا ما ليس في صريح الشَّرع أنَّه طريقٌ لمعرفة الحقِّ في الدِّين فليس بمعصومٍ، ولم يتكفَّل الله عزَّ وجلَّ بحفظه، فالمصيب فيه مأزورٌ؛ لمخالفته ما شرَعَه الله، فما ظنُّك بالمخطئ!


(١) أخرجه أحمد (١/ ٩١)، والترمذي (٢٩٠٦)، والدَّارمي (٣٣٧٤)، والبزَّار (٣/ ٧١)، وغيرهم، من طرقٍ عن الحارث الأعور عن عليٍ رضي الله عنه مرفوعًا. ومداره على الحارث، وهو ضعيف؛ وقد ضعَّفه التِّرمذي. ورجَّح الحافظ ابن كثير وقفه، ووهَّم رفعَه.
وفي الباب حديث معاذٍ رضي الله عنه، وفيه راوٍ متروك. وفي الباب أيضًا: حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وفيه راوٍ ليِّن. وصحَّح الحافظ ابن كثير وقفه عليه، ووهَّم رفعَه.
ويُنْظَر: «تفسير ابن كثير» (١/ ٢١ - ٢٢)، و «السِّلسلة الضَّعيفة» للألباني (١٧٧٦).