للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصلَّى الله وسلَّم على محمد وآله وصحبه.

أما بعد، فإن الأخ العلامة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة المدرس بالمسجد الحرام، ومدير دار الحديث ــ عافاه الله ــ، أَطلَعني على رسالته المحررة في اختيار إدراكِ المأموم الركعةَ بإدراكه الركوعَ مع الإمام، وأشار عليَّ أن أكتبَ ما يظهر لي في هذه المسألة، فأستعين الله تبارك وتعالى وأقول:

قال البخاري في "جزء القراءة" (١): "والقيام فرضٌ في الكتاب والسنة، قال تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨]، وقال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: ٦]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صَلِّ قائمًا، فإن لم تستطعْ فقاعدًا" (٢) ". وبسط الكلامَ في تثبيت فرضية قراءة الفاتحة في كل ركعة حتى على المأموم، وساق في موضعٍ آخرَ الأحاديثَ في وجوب قضاء المسبوق ما فاته، ولم يُنازِعْه الشيخ إلا في هذه القضية، فظاهرُ صنيعهِ أنه يُسلِّم ما استدلَّ به البخاري على فرضية القيام (٣)، وعلى فرضية قراءة الفاتحة في كل


(١) (ص ٢٨٣ ــ ٢٨٥) بتخريجه "تحفة الأنام".
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" (١١١٧) من حديث عمران بن حصين.
(٣) إذا كان الإمام في الركوع فكبَّر المسبوق للإحرام قائمًا لا يُعدُّ هذا إدراكًا منه للقيام الذي هو الركن، كيف وقد فاته بفوات قيام الإمام؟ وإنما هذا قيام يشترطونه لتكبيرة الإحرام حتى فيمن أدرك الإمام ساجدًا، وقيام الركن شأنه الطول، قال تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، وأقلُّ ما يُقدَّر طوله بقراءة الفاتحة، فأما التكبيرة فالشأن أن تتأخر تكبيرة المأموم ولو كان غير مسبوق، وليس القيام كذلك، وأيضًا فإنه شُرِع للمسبوق أن يدخل في الصلاة على أي حال كان الإمام، فقد لزمه في ذلك أن يشرع له تكبيرة الإحرام، إذ لا يدخل في الصلاة إلا بها، وليس قيام الركن كذلك. [المؤلف].