ثم أخذ يخاطب القرآن، بأنَّه قد ثبت لديه نزول التوراة من عند الله تعالى، وعدم تغييرها، وثبوتها يثبت الإنجيل، والقرآن يشهد بذلك، وأخذ يطالب القرآن بالدليل.
فنقول له: يا سخيف، أنت لا تجد على التوراة والإنجيل دليلًا إلَّا القرآن، فأمَّا نقل اليهود والنصارى فليس بحُجَّةٍ؛ لانقطاعه في مبدئه، كما بيَّنه الإمام ابن حزمٍ، بشهادة كتب هؤلاء القوم وتواريخهم.
وأمَّا التَّواريخ التي ذكرت فإنَّها ممَّا لا يقوم بها دليلٌ كهذا. وهذه تواريخ المجوس فيها من الكذب والبهت ما يستحي العاقل أن يصدِّق به.
على أنَّ المؤرِّخ يكتفي بالسَّماع، فما يؤمِّنك أنَّ المؤرِّخين المذكورين سمعوا من اليهود أنفسهم أخبارًا [فدوَّنوها] كما سمعوها، فهل يكون التَّدوين المذكور حُجَّة دينيَّة؟!
إذا تقرَّر هذا فكيف تُطالب القرآن بالدَّليل وهو دليلك على التَّوراة التي دلَّتك على الإنجيل؛ فإن سقط القرآن سقَطَت التَّوراة، فسقط الإنجيل يا مخذول.
فإن قلت: فإنَّ إقرارنا بالتَّوراة والإنجيل كافٍ.
قلنا: نحن لا نقرُّ بتوراة وإنجيل مخالفة لما وصَفَه الله تعالى في كتابه القرآن، ولا نؤمن بنبيٍّ ليس كما وصفه الله، لا عيسى ولا موسى ولا غيرهما.
[ص ٢٣] ثم أخذ المخذول ينازع في إعجاز القرآن.
فيُقال له: هذا شيءٌ مفروغٌ منه؛ فإنَّه لا ينكر أحدٌ أنَّ العرب كانوا في زمانه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بأعلى طبقات الفصاحة والبلاغة، وقد نقلت