للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى الله عليه وآله وسلم ما هو قليل إلا المجن. وقد دل حديث «الصحيحين» (١) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة على أنها لم تكن تعرف المِجنَّ ولا قيمته. وبهذا يتبين أن رواية عبد الله بن أبي بكر وعبد ربه ورُزَيق تدل أيضًا على الرفع، فإن التقدير بربع دينار ليس مما يقال بالرأي، ولا يُعرف ما تأخذ عائشة منه ذلك إلا ما ثبت عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

ثم جعجع الطحاوي بما عُلِم ردُّه مما تقدَّم، ثم قال (٢): «فلما اضطرب حديث الزهري على ما ذكرنا، واختُلِف على غيره عن عمرة كما وصفنا، ارتفع ذلك كله، فلم تجب الحجة بشيء منه إذ كان بعضه ينقض بعضًا». [٢/ ١٢٨] كذا قال، وقد أقمنا الحجة الواضحة على أنه لا اضطراب ولا تناقض (٣).


(١) سبق تخريجه.
(٢) (٣/ ١٦٧).
(٣) قلت: ومما يُسهِّل على القارئ المنصف تبيّن سقوط كلام الطحاوي أنه لو سلمنا جدلًا بصحة ما ادعاه من الاضطراب في الحديث فهي محصورة في الطرق التي ساقها هو إلى الزهري، ومَن تابعه في روايته عن عمرة، ولكن الطحاوي لم يستوعب الطرق كلها أو جلَّها إليه وإليها، كما فعل المصنف جزاه الله خيرًا، فقد ذكر متابعة عشرة من الثقات للزهري عن عمرة عن عائشة. وكلهم اتفقوا على رفعه، إلا يحيى بن سعيد في إحدى الروايات عنه، وهي في حقيقتها لا تخالف الروايات الأخرى المرفوعة، وهَبْ أن الرواية عند يحيى مضطربة أيضًا. ففي الروايات التسع ما يكفي ويشفي، وكلها متفقة على الرفع، وبأقل من ذلك يثبت الرفع كما لا يخفى على المنصف، وهي وإن اختلفت في ضبط المتن، هل هو «تقطع اليد ... » أو «لا تقطع ... » والمؤلف رجح الأول، وقد يمكن ترجيح الآخر بقاعدة: «زيادة الثقة مقبولة»، وسواء كان هذا أو ذاك، فالحجة في الحديث قائمة على أن اليد تقطع في ربع دينار، وذلك ما لا يقوله الطحاوي تبعًا لمذهبه. والله المستعان. [ن].